خرج العشرات من العاملين والعاملات في مرفأ طرطوس بالساحل السوري أمام مبنى المحافظة، للتعبير عن رفضهم واعتراضهم على القرارات التي قضت بنقلهم إلى معابر جرابلس والبوكمال في المحافظات الشرقية.

وبحسب وسائل الإعلام السورية، فقد تم إبلاغ هؤلاء الموظفين، الذين غالبيتهم من الطائفة العلوية، عبر تطبيق “واتسآب”، ويناشدون الحكومة السورية الانتقالية إيجاد حل لمشكلتهم.

النقل لجرابلس والبوكمال

نحو ذلك، حدث ذات الأمر مع بعض العاملين في مرفأ اللاذقية، حيث جرى نقل بعضهم قبل نحو يومين إلى معبر البوكمال الحدودي مع العراق، بينما نقل آخرين إلى معابر برية أخرى، بينها باب الهوى، الحدودي مع تركيا.

ولم تصدر الحكومة السورية حتى الآن أي تعليق حول أسباب قرارات النقل هذه أو تفاصيلها بشكل عام سواء للعاملين بمرفأ طرطوس أو اللاذقية.

ويرى المشاركون في اعتصامات اليوم الثلاثاء، أن قرار النقل جائر، ومن الصعب عليهم الانتقال إلى تلك المناطق البعيدة وترك عوائلهم، وسط الظروف والأزمات الاقتصادية التي تمر بها سوريا والسوريين.

وحول ذلك كتبت الصحفية السورية هنادي زحلوط، المتحدرة من الساحل السوري: “نهار يوم الجمعة الماضي، وصل إلى اثنين من أفراد عائلتي قرار بالنقل إلى البوكمال! ليسا الوحيدين الذين تسلّموا قرار النقل عبر رسالة نصية معنونة ‘وفقا لمقتضيات المصلحة العامة’. هناك مئات، وعدد لا أستطيع إحصاءه، وصلتهم قرارات نقلهم، ويطلب منهم الالتحاق بمكان عملهم الأحد!”.

وبحسب زحلوط، فإن ما يحصل اليوم مع موظفي مرفأ طرطوس يعكس سياسة دفع نحو الاستقالة أو الطرد غير المباشر، حيث يجبر العاملون على الانتقال إلى مناطق بعيدة عن عائلاتهم، في ظل ظروف اقتصادية قاسية وأزمات متلاحقة. 

وأشارت إلى أن هذا القرار لا يستهدف فردا بعينه فحسب، بل يمس مكونات المجتمع بشكل أوسع، ويحمل آثارا إنسانية واجتماعية جسيمة على الأرامل والأطفال والعائلات المنهكة.

وأردفت متسائلة: هل يراد بهذه السياسة أن يترك مكون بعينه (تقصد العلويين) يعاني حتى الموت؟ نعم، لكننا لا نموت، نخلق العمل كما فعلنا دوما”.

وحمّلت الإدارة الجديدة بدمشق مسؤولية هذه السياسات، متابعة بالقول: “عبثا يحاولون توريط مكونات بعينها بتحميلها وزر سياساتهم. أنتم فقط من تتحملون ذلك، وحاشى أن نحمل طائفة وزر إدارة بسياسات طائفية”.

لقد اعتاد السوريون على تحدي الظروف الصعبة وإيجاد سبل العيش بكرامة، كما فعل البعض في السابق، وهنا ذكرت زحلوط مثال عن والدها، فقالت: “في العام 1990، أخبرت مؤسسة التأمينات الاجتماعية والدي، الذي بلغ حينها الستين من العمر، أن ملف التأمينات الخاص به قد ضاع، وقررت الإدارة أنه لا راتب تقاعدي له. حمل أبي معوله وعمل حتى وفاته في أرضه، حتى توفي في العام 2011 عن عمر 82 عاما، وعشنا فخورين به وبيديه الخشنتين”.

وبالتالي، “هذا ما سيفعله اليوم الناس الذين يجبرون على ترك وظائفهم، سيجدون معولهم، وستزهر الأرض تحت أقدامهم في طريق سعيهم لقمة عيشهم من أجل أطفالهم وعائلاتهم”، طبقا لزحلوط.

نحو 100 عامل وعاملة

وقبل نحو يومين، تلقت موقع “أخبار سوريا الوطن” المحلية عشرات الرسائل من كوادر جامعية (ذكور وإناث) في مرفأ طرطوس، يعبرون فيها عن استيائهم الشديد من قرار هيئة المنافذ والجمارك بنقلهم إلى معبري جرابلس والبوكمال.

وتساءل هؤلاء العمال والعاملات عن مدى قدرتهم على تحمل تكاليف السفر والإقامة بعيدا عن أسرهم، مطالبين بإعادة النظر في القرار، خصوصا مع الحاجة الماسة للكوادر في المرفأ بسبب التطورات والتوسعات الحالية.

يذكر أن عدد المشمولين بالقرار يبلغ نحو مئة عامل، نصفهم من الإناث، وقد قدم بعضهم شكاوى رسمية لنقابات العمال والجهات المعنية.

وفق وقت سابق، قال الباحث الاقتصادي، الدكتور علي عيسى، قال في بيان موجه إلى الأمانة العامة للرئاسة السورية، إن القرار الأخير القاضي بنقل العاملين من المرافئ البحرية إلى معبر البوكمال والمعابر الأخرى يشكّل مخالفة صريحة قانون العمل السوري والدستور، إضافة إلى التوجيهات الحكومية.

وأوضح أن القرار يخالف المادة 40 من الدستور السوري، التي تكفل حماية العامل ومنع استغلاله، إضافة إلى المادة 33 التي تحظر التمييز على أساس ديني أو مناطقي أو اجتماعي. وأشار إلى أن قرارات النقل صدرت بحق عاملين وعاملات من الطائفة العلوية، وفق ما نُشر عبر مواقع التواصل.