بعد نحو شهر من أحداث محافظة السويداء، جنوبي سوريا، ما تزال المشهد العام في المحافظة يشير إلى وجود أزمة إنسانية، حيث لم تعود الحياة إلى طبيعتها، في ظل ما لحق المدينة من دمار وضعف بالخدمات الأساسية.

كما أن معظم المحال التجارية لم تفتح أبوابها، حيث يواجه التجار صعوبات لإدخال البضائع لعودة الحركة التجارية. كما تشهد المحافظة نقصا في المحروقات والغاز المنزلي، إذ أظهرت مقاطع فيديو مصورة في السويداء، ازدحاما أمام إحدى محطات الوقود.

قوافل المساعدات ليست حلاً

صباح اليوم الخميس، دخلت قافلة المساعدات العاشرة إلى محافظة السويداء، عبر ممر بصرى الشام الإنساني بريف درعا. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، إن القافلة مكونة من 30 شاحنة تحتوي على مواد غذائية وطحين و”مازوت”، إضافة إلى المواد الطبية.

ودخلت أمس الأربعاء قافلة مساعدات تتألف من 21 شاحنة، محملة بـ 250 طن من الطحين إضافة إلى 7 أجهزة غسيل كلى لدعم القطاع الصحي، إضافة إلى مساعدات غذائية وإغاثية متنوعة، مصدرها منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” وبرنامج الأغذية العالمي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وفق ما ذكرت شبكة “السويداء 24″ المحلية.

وأضافت الشبكة أنه وصل كذلك إلى المحافظة 4 صهاريج بنزين وصهريجي غاز منزلي عبر ممر بصرى الشام الإنساني، مشيرة إلى احتياجات هائلة في هاتين المادتين.

يأتي ذلك وسط صعوبات يواجهها تجار محافظة السويداء لإدخال البضائع للمحال التجارية، إذ قال رئيس غرفة تجارة وصناعة السويداء، نبيه بكري، إن سيارات محملة بالبضائع التجارية تدخل إلى المحافظة “بطريقة أو بأخرى وبدون علم غرفة التجارة”.

واتهم بكري حواجز الأمن العام بفرض أتاوات مالية على سيارات البضائع التجارية و”ممارسة الابتزاز والخطف على الطريق ودفع الرشى”، وفق تعبيره، معتبرا أن غرفة تجارة السويداء ليست مضطرة لإدخال السيارات التجارية في ظل هذه الممارسات.

وفي ظل هذه الأوضاع، يجب على الحكومة السورية تسهيل دخول البضائع التجارية إلى السويداء والتنسيق مع التجار، ما يخفف من حدة الأوضاع في المحافظة وعودتها إلى الحياة.

“يونيسيف”: الغذاء والدواء شحيح

منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” قالت إن أعمال العنف التي شهدتها محافظة السويداء تواصل إلقاء ظلالها الثقيلة على حياة الأطفال والأسر، داعية إلى تحرك عاجل بشأن الاحتياجات الإنسانية للأطفال والأسر في المحافظة.

وأضافت المنظمة في بيان لها، أن هذه الأحداث أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 22 طفلاً وإصابة 21 آخرين، إضافة إلى أضرار كبيرة في البنية التحتية المدنية، الأمر الذي ضاعف من تعقيد جهود الاستجابة الإنسانية.

“العنف الذي أسفر عن مقتل وإصابة الأطفال والعاملين في المجال الصحي، كان مأساوياً ومثيراً للقلق البالغ”، مشيدة بجهود السلطات السورية لتسهيل وصول المساعدات إلى المحتاجين.

نائبة ممثل اليونيسف في سوريا، زينب آدم

وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن “يونيسف”، ضمن أول قافلة مشتركة بين وكالات الأمم المتحدة إلى السويداء، سلّمت إمدادات منقذة للحياة وأجرت تقييماً ميدانياً سريعاً لضمان استجابة أسرع وأقوى للأزمة.

وأكدت المنظمة أن انعدام الأمن وصعوبة الوصول جعلا الغذاء والدواء والضروريات الأساسية شحيحة، مشيرة إلى أن أكثر من 190 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، نزحوا من منازلهم خلال أعمال العنف.

وذكرت “يونيسف” أنها نشرت 14 فريقاً متنقلاً للصحة والتغذية، وقدمت إمدادات صحية وتغذوية منقذة للحياة لأكثر من 4 آلاف طفل وامرأة، إضافة إلى مياه شرب آمنة ووقود لمحطات ضخ المياه استفاد منها أكثر من 30 ألف شخص، إلى جانب مواد ترفيهية ودعم نفسي وأنشطة للحد من مخاطر الذخائر المتفجرة استفاد منها 1500 طفل.

وشددت نائبة ممثل “اليونيسف” في سوريا على أن ضمان استجابة فعّالة يتطلب إتاحة الوصول من دون عوائق أمام الجهات الإنسانية والسلع التجارية إلى المجتمعات الأكثر تضرراً، إذ اعتبرت أن هذا الوصول ضروري ليس فقط للتدخلات المنقذة للحياة، وإنما أيضاً لاستعادة الحد الأدنى من الاستقرار والحماية في تلك المجتمعات.