وصل اليوم الأحد وفد سوري رفيع المستوى، بقيادة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إلى العاصمة التركية أنقرة، وذلك لبحث قضايا التعاون العسكري والأمني.

وبحسب ما قالته “وزارة الخارجية السورية”، فإن الوفد ضم أيضا وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة، وقد بحثوا مع نظرائهم في تركيا، القضايا المشتركة في مجالات مكافحة الإرهاب وضبط الحدود وتعزيز التعاون والتدريب المشترك.

تعاون بين سوريا وتركيا

وحضر اللقاء، الذي عقد في أنقرة، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ووزير الدفاع يشار غولر ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن.

وأوضحت “الخارجية السورية” أن اللقاء يهدف إلى بحث القضايا المشتركة في مجالات مكافحة الإرهاب وضبط الحدود وتعزيز الاستقرار والتعاون والتدريب المشترك، في إطار تعزيز التنسيق والتفاهم بين البلدين.

وكتب وزير الخارجية التركي عبر منصة “إكس“: “نواصل اتصالاتنا الشاملة مع سوريا على جميع المستويات وفي جميع المجالات. ونحن متفقون مع أشقائنا السوريين على ضرورة تعزيز التنسيق والتعاون الوثيق بشكل أكبر من أجل حماية مكتسبات سوريا وتعزيزها”.

وأردف فيدان: “وعلى هذا الأساس، فإن الاجتماعات التي عقدناها في أنقرة اليوم بصفتنا وزيري الخارجية والدفاع ومديري الاستخبارات في بلدينا سمحت لنا بمعالجة الأبعاد الاستراتيجية لعلاقاتنا في جميع جوانبها”.

وأشار وزير الخارجية التركي إلى أنه تم “مناقشة الخطوات المشتركة الممكن اتخاذها لضمان أمن سوريا بشكل كامل مع الحفاظ على وحدة أراضيها. وقيّمنا خططنا الملموسة بشكل شامل ومفصل”.

وختم بالقول: “تمتلك الحكومة السورية العزيمة والإصرار على تجاوز التحديات الصعبة التي تواجهها. لا نعتبر أمن سوريا منفصلا عن أمن تركيا. وسنواصل تقديم كل الدعم لإخواننا السوريين على هذا الطريق”.

“لبناء الجيش السوري”

من جانبه، كتب وزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة عبر منصة “إكس”: “أتوجّه بخالص الشكر والتقدير إلى وزير الدفاع التركي السيد يشار غولر على حفاوة الاستقبال وجهوده الملموسة في دعم مساعي بناء الجيش العربي السوري”.

كما تقدم أبو قصرة “بالشكر إلى رئيس الاستخبارات التركية السيد إبراهيم قالن، وإلى معالي وزير الخارجية التركي السيد هاكان فيدان على مشاركتهم الفاعلة وجهودهم المخلصة في دعم مسارات التعاون والتفاهم المشترك”.

وأضاف أبو قصرة: “لقاؤنا اليوم محطة مهمة جديدة لتعزيز التعاون والتنسيق بين الجيشين السوري والتركي، بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، ويسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة”.

زيارتين خلال أقل من أسبوع

وكان الشيباني قد زار، يوم الأربعاء الفائت، أنقرة، وعقد اجتماعا مع نظيره التركي هاكان فيدان، قبل أن يعقدا مؤتمرا صحفيا مشتركا.

وقال فيدان خلال المؤتمر الصحفي إن “الحكومة السورية لديها الإرادة القوية لمحاربة تنظيم (داعش) بالتعاون مع المجتمع الدولي”، مشيرا إلى أن “الاعتداءات الإسرائيلية تمثل تصعيدا خطيرا على سوريا، لذا ندعو إلى الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها”.

وأضاف أن “أنقرة تتابع الأحداث في السويداء جنوبي سوريا عن كثب”، معتبرا أن “محاولات إسرائيل لزعزعة استقرار سوريا بعملياتها الأحادية تمس أمننا القومي”.

من جانبه، ذكر الشيباني أنه “بحث مع فيدان ترتيبات سياسية وأمنية بين دمشق وأنقرة، وملف اندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجيش السوري، وتنفيذ اتفاق العاشر من آذار/مارس معها”.

ويوم الأربعاء الماضي، اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن “التحالف التركي الكُردي العربي هو مفتاح السلام والأمن الدائمين في المنطقة”.

وقال أردوغان، أثناء عودته من قمة “منظمة الدول التركية” في أذربيجان، إن “من يولّي وجهه نحو أنقرة ودمشق سينتصر”.

ودعا قوات “قسد” إلى “الوفاء بوعدها، وإكمال الاندماج في مؤسسات الدولة السورية، والالتزام بجميع تعهداتها”، بحسب ما نقلت قناة الإخبارية السورية.

بالتزامن مع اتفاق أولي مع “قسد”

يأتي الزيارة السورية لتركيا اليوم في سياق إعلان القائد العام لقوات “قسد“، مظلوم عبدي، السبت، التوصل إلى تفاهمات أولية مع الحكومة الانتقالية السورية حول عدد من الملفات السياسية والعسكرية والأمنية، أبرزها وقف إطلاق النار، واللامركزية، ودمج القوات العسكرية، وعودة المهجرين.

وأوضح القائد العام لـ”قسد” أن الاجتماعات التي عقدت في الحسكة ودمشق ناقشت انضمام الحكومة الانتقالية إلى جهود محاربة الإرهاب، مشيرا إلى أنه أجرى سلسلة لقاءات مباشرة في العاصمة دمشق شملت وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات حسين سلامة، تم خلالها الاتفاق على وقف شامل لإطلاق النار، مع تأكيد الجانبين على استمرار الحوار والتنسيق على مستوى رفيع.

وأكد عبدي أن الولايات المتحدة اقترحت تشكيل قوة مشتركة من الجيش السوري و”قسد” لمحاربة تنظيم “داعش”، موضحا أن قواته وافقت على المقترح “لتحويل الحرب ضد الإرهاب إلى حرب وطنية شاملة تشمل جميع الأراضي السورية”.

وأكد عبدي أن لجانا عسكرية من “قسد” ستتوجه قريبا إلى دمشق لاستكمال النقاشات التقنية المتعلقة بدمج القوات.

وأردف عبدي أن هناك تفاهما مبدئيا على دمج قوى الأمن الداخلي (الأسايش) ضمن وزارة الداخلية السورية، وأن التعاون الأمني بين الجانبين يشهد تقدما واضحا، رغم بقاء بعض التفاصيل قيد البحث.

ونوّه عبدي إلى أن اللقاءات أحرزت تقدما ملموسا بشأن مبدأ اللامركزية، موضحا أن ثمة تفاهما عاما حول الفكرة، لكن الخلاف ما يزال قائما حول تفسير المصطلحات.

وبيّن عبدي أن الاجتماعات ناقشت أيضا إدراج بنود اتفاق 10 آذار/ مارس ضمن الدستور السوري، مؤكدا أن حوارات قادمة ستعقد حول تعديل الدستور وإقرار تلك البنود ضمن الإطار الوطني العام.

كما اعتبر أن ملف حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب يشكّل أولوية استراتيجية لقوات سوريا الديمقراطية، مشيرا إلى اهتمام واشنطن و”التحالف الدولي” به، وإلى أن “الإدارة الذاتية” تسعى لإدراج حقوق الكُرد في الدستور السوري، عبر وفد كُردي سيزور دمشق قريبا.

وشدد عبدي على أن ملفات الرقة ودير الزور والحسكة مرتبطة بشكل نظام الحكم في سوريا، وأن انسحاب “قسد” من الرقة ودير الزور أمر غير قابل للنقاش، مضيفا أن ممثلين عن المحافظتين سيشاركون في الاجتماعات المقبلة.

ورأى عبدي أنه طالما تركيا تريد تطبيق الاتفاق مع دمشق يمكنها دعمه، وأن قنوات التواصل بين “قسد” وتركيا لا تزال مفتوحة.