في تصريح إسرائيلي لافت تجاه الاتهامات التي تطال أبناء الطائفة الدرزية بوصفهم “خونة” نتيجة مطالبتهم بالحماية الدولية، بما في ذلك من إسرائيل، عقب الهجمات التي استهدفتهم من قبل قوات الحكومة السورية والفصائل التابعة لها، وجّه مسؤولون إسرائيليون رسائل مباشرة انتقدوا فيها ما وصفوه “باتهام الدروز في السويداء بالخيانة”، مذكرين بالدور الذي لعبته إسرائيل سابقا في تقديم العلاج لجرحى الفصائل السورية المسلحة (جبهة النصرة/هيئة تحرير الشام لاحقا)، التي كان يقودها الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع.

وخلال وقفة نظمتها نقابة الأطباء في الجولان السوري، على خط وقف إطلاق النار قرب مجدل شمس يوم السبت الفائت، قال الدكتور سلمان زرقا، مدير مستشفى زيف في مدينة صفد، إن على الشرع أن “يتذكر من أنقذ حياته أو حياة أقاربه وجنوده”.

الدروز ليسوا “خونة”

وأشار زرقا، وفق ما نقله الكاتب والصحفي السوري جورج كدر، إلى الدور الذي لعبه كمدير للمستشفى العسكري الميداني الإسرائيلي قبل أكثر من عشر سنوات في النقطة 105 على طرف الحدود (قرية بمحاذاة جباثا الخشب).

وأضاف زرقا: “أنقذنا حياتك، وإن لم تكن أنت شخصيا، فأحد أقربائك، وإن لم يكن من أقربائك، فأحد جنودك. كنت من أوائل من طلب مساعدتنا. وإن لم تعلم حينها، فإن طاقم المستشفى الميداني الذي طلبت دعمه، كان يضم ضباطا وأطباء من الدروز”.

وتابع متسائلا: “إذا كنت اليوم تتهم الدروز في السويداء بالخيانة، قف وواجه السوريين وقل لهم الحقيقة: نحن ساعدناك، ومن حق كل إنسان أن يحصل على العلاج الذي ينقذ حياته”.

ويقول الصحفي السوري، جورج كدر، كلام زرقا جاء في سياق أوسع من التغطيات الإعلامية التي وثّقت استقبال المستشفيات الإسرائيلية خلال سنوات الحرب في سوريا لمئات الجرحى من فصائل المعارضة المسلحة، بينهم عناصر من “جبهة النصرة/هيئة تحرير الشام لاحقا”. 

وقد أثارت تلك المرحلة جدلا واسعا في الإعلام العربي، خاصة بعد تقارير إسرائيلية أظهرت مقاتلين سوريين في الجولان يرحبون بدعم إسرائيل ويقولون إنها “ليست عدوا”، كما أشار أحد الصحفيين الإسرائيليين في تقرير صُوِّر من دمشق عام 2017.

وبحسب وكالة “فرانس برس“، تشير أرقام عسكرية إسرائيلية إلى أن أكثر من 3100 جريح سوري تلقوا العلاج في إسرائيل منذ بين عام 2013-2017.

وفي تقرير نُشر عام 2017، سلطت الوكالة الدولية الضوء على حالة “هاني” (28 عاما – اسم مستعار)، الذي فقد جزءًا من وجهه خلال عملية لقوات النظام السوري السابق، وتلقى العلاج في مستشفى “نهاريا” لأكثر من عام. فقد هاني إحدى عينيه، وخضع لعدة عمليات جراحية. وقال: “أصدقائي الذين عادوا إلى سوريا يقولون لي: ابقَ لتلقي العلاج في إسرائيل، لا يوجد علاج هناك”، موضحا أن من عادوا أخبروه أن “العلاج في إسرائيل قوي للغاية”.

وأضاف: “أريد أن أشكر أطبائي والممرضين الذين ساعدوني بطريقة لم أكن أتوقعها. أشكر دولة إسرائيل على مساعدتها للسوريين”.

وفي نفس التقرير، أردف سامح (31 عاما)، الذي تم بتر ذراعه بعد إصابته خلال القتال إلى جانب “الجيش الحر”، وقد وصل إلى المستشفى الإسرائيلي في عام 2017: “سأعود إلى عملي بعد العلاج وأقاتل مع الجيش الحر”، مضيفا: “النظام السوري السابق صوّر لنا إسرائيل كعدو، وكان يُقال لنا إنه يمكن التعامل مع الشيطان لكن ليس مع إسرائيل، لكنني اليوم ممتن لما فعلته لي إسرائيل”.

ورغم أن إسرائيل رفضت تأكيد أو نفي التقارير التي تحدثت عن استقبالها جرحى من تنظيمات مثل “جبهة النصرة/هيئة تحرير الشام لاحقا” أو تنظيم “داعش” الإرهابي، فإن شهادة الدكتور سلمان زرقا، مدير مستشفى “زيف” في صفد، اليوم، تؤكد ما جاء في تلك التقارير، في إشارة واضحة إلى أن الدعم الطبي شمل عناصر من هذه الجماعات المسلحة والتي أدرجت لاحقا على قوائم “الإرهاب الدولي”، بمن فيهم مقاتلون على صلة بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع.

إسرائيل ملتزمة بحماية الدروز

وفي سياق ذي صلة، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم السبت، عن زيارته لمنزل الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، للتعبير عن “الدعم الكامل للدروز في إسرائيل والسويداء”.

وقال كاتس في تغريدة على منصة “إكس”: “نحن ملتزمون تجاه إخواننا الدروز في إسرائيل، وسنواصل العمل لحماية إخوانهم في سوريا. لقد التقيت جنودا وضباط احتياط دروز يديرون خطا ساخنا يجمع المعلومات من داخل السويداء، وتم التأكيد على تعزيز التنسيق بينهم وبين قيادة العمليات الخاصة في الجيش الإسرائيلي”.

وأوضح الوزير الإسرائيلي أن حكومته تعمل على تقديم “مساعدات طبية وإنسانية عاجلة” للدروز في جبل العرب، مؤكدا أن إسرائيل تعتبر ما يحدث في السويداء “حالة طوارئ” تستوجب التدخل.

لقاء سوري إسرائيلي

وأمس الجمعة، قالت وزارة الخارجية السورية، لقناة “الحدث” الإخبارية، إن “النقاش مع إسرائيل مستمر”.

كذلك، أفاد موقع “أكسيوس” الإخباري الأميركي، أمس الجمعة، أن الاجتماع السوري الإسرائيلي في العاصمة الفرنسية باريس، ناقش الحفاظ على وقف إطلاق النار في جنوب سوريا، والعمل المستمر على خفض التصعيد في تلك المنطقة.

وعُقد في باريس، الخميس، اجتماع وُصف بأنه غير مسبوق بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، بحسب تصريحات المبعوث الأميركي لسوريا توم براك.

وأعلن برّاك، الخميس، أنه التقى في باريس مسؤولين سوريين وآخرين إسرائيليين “من أجل الحوار وخفض التصعيد”.

وأضاف برّاك في تغريدة على حسابه في “إكس”: “حققنا الهدف من اللقاء مع السوريين والإسرائيليين في باريس.. السوريون والإسرائيليون أكدوا التزامهم باستمرار جهود خفض التصعيد”.

ووسط هذا اللقاء، قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية تومي بيغوت، إن سوريا تمر بـ”منعطف حاسم” نتيجة الأحداث التي شهدتها محافظة السويداء.

وحول الاجتماعات التي يعقدها براك مع مسؤولين سوريين وإسرائيليين، قال بيغوت إن المبعوث الأميركي ووزير الخارجية ماركو روبيو “على تواصل مع جميع الأطراف منذ أيام، وهذه الجهود مستمرة”.

وهذا الاجتماع الأول بين دمشق وتل أبيب منذ الاشتباكات التي وقعت في السويداء منذ 14 تموز/يوليو الجاري، والتي نفذت خلالها إسرائيل، قصفا في محيط القصر الرئاسي ومقر وزارة الدفاع في دمشق ومبنى قيادة هيئة الأركان العامة، بغية انسحاب قوات دمشق من السويداء، والتي كانت تسعى للسيطرة على كامل المحافظة، فيما ارتكبت العديد من المجازر والانتهاكات بحق المدنيين هناك.