#️⃣ #عدة #مسارات #أمام #السلطة #بدمشق #لتحقيق #فرصة #حقيقية #لاستقرار #سوريا
عدة مسارات أمام السلطة بدمشق لتحقيق فرصة حقيقية لاستقرار سوريا
📅 2025-11-16 16:00:00 | ✍️ شيلان شيخ موسى | 🌐 الحل نت
ما هو عدة مسارات أمام السلطة بدمشق لتحقيق فرصة حقيقية لاستقرار سوريا؟
رغم مرور أشهر على التغيير السياسي في دمشق، إلا أن سوريا لا تزال تبدو كبلد يخرج من حرب دون أن يدخل فعليا في مرحلة الـ”دولة”. فالمشهد العام يكشف عن مفارقات عديدة تتصل بفكرة اللادولة واستمرار الوضع في حالة من السيولة والتأزم التي تحول دون الاستقرار وكذا المضي نحو بناء أسس نظرية وعملية لمرحلة التأسيس الجديدة التي تتطلب التوافق والاصطفاف والاندماج سواء في ما يخص شكل الحكم وبناء المؤسسات أو طبيعة العقد الاجتماعي.
لكن ثمة سلطة تتصرف وكأنها تسيطرة على كامل الجغرافيا السورية، بينما في الواقع، سوريا منقسمة وموزعة بين أطراف محلية، وجيوب نفوذ خارجي، ومجتمعات تبحث عن حماية ذاتية في ظل غياب الـ”دولة” قادرة على ضمان الأمن وإدارة البلاد كما يفترض، بل ارتكبت قوى أمنية “فصائلية” تابعة لها مجازر وانتهاكات في الساحل والجنوب السوري، وما تزال الانتهاكات وفوضى السلاح مستمرين، فضلا عن التوترات في شرق الفرات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وبالتالي، هذا الفراغ الدولتي أو المؤسسي ظاهر بشكل جلي في شكل مؤسسات ضعيفة هشّة أو شبه غائبة، بل ويعني أن الدولة عاجزة، رغم كل الخطاب الرسمي، عن فرض إدارة واحدة على كامل البلاد. وبعد سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام 2024، تبدو سوريا اليوم وكأنها تدار عبر أطراف محلية متنافسة. فمن جهة ثمة فصائل مدعومة من تركيا تتحكم بالعديد من المناطق وفق سياساتها المستقلة عن دمشق.
وأيضا من جانب آخر هناك قوى محلية أخرى تصوغ قراراتها بمعزل عن دمشق، مثل الجنوب السوري وذلك بعد أن فقدت الثقة بسلطة دمشق، عقب المجازر التي وقعت بحق الدروز على يد قوات وميليشيات متطرفة تابعة للحكومة السورية الانتقالية بدمشق والتي لم تتحرك بشكل جدي لمحاسبة المتورطين بذلك ولا يبدو أنها تسعى بشكل حقيقي لتحقيق توافق مع الدروز والنظر بجدية بمطالبهم. وأيضا لم تتوصل دمشق بعد لتوافق مع “قسد” بشأن مناطق شمال وشرق سوريا. وأخيرا هناك مناطق يتفاوت فيها القانون والأمن والخدمات.
ومع استمرار هذا المشهد، يصبح السؤال الملحّ ليس ما إذا كانت سوريا قادرة على إعادة إعمار اقتصادها المنهار والوصول للتوافق السياسي الشامل، بل ما إذا كانت قادرة أصلا على بناء الـ “دولة” بمعناها الحقيقي وكما يرغبها السوريون، كل السوريين من دون تمييز، وتوحد مراكز القرار، بالتوازي مع إيقاف تمدد الفصائل المدعومة بنفوذ خارجي (فصائل الجيش الوطني السوري المدعومة من تركيا)، قبل أن يصبح الانقسام أمرا واقعا لا يمكن إصلاحه لسنوات طويلة.
وبهذا المعنى، تبدو سوريا أمام فترة تاريخية حاسمة، فإمّا تأسيس حكومة سياسية شاملة ممثلة بجميع المكونات السورية ومن ثم تصبح واضحة وقادرة على ضبط الفصائل المتفلتة هنا وهناك، أو استمرار التفكك والتشرذم المجتمعي الذي سيقوض أي فرصة للاستقرار السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي، وسط الاحتقان الطائفي المثار بشكل مهول في سوريا حاليا.
سوريا: “فراغ مؤسسي” ونفوذ الفصائل
يمكن وضع استقرار سوريا واحدة موحدة ضمن عدة مسارات، على السلطة الانتقالية بدمشق بقيادة أحمد الشرع العمل عليها لضمان تحقيق وحدة سوريا مستقرة للجميع، ففي تحليل للمحلل والديبلوماسي السابق الإسباني غوستافو دي أريستيغي، فإنه يُصوّر الدولة السورية الحالية بأنها “هيكل فارغ” يفتقر إلى مؤسسات فاعلة، ولا يمتلك القدرة على فرض سلطته على كامل الأراضي. ويعبّر عن ذلك بقوله إن “القيادة الجديدة تسيطر فقط على أجزاء متفرقة من البلاد”، حيث تستغل الفصائل المتنازعة هذا الفراغ لتوسيع نفوذها.
كما أن الأزمة السورية لا تنحصر في الانقسام الداخلي فقط، بل يتداخل معها تأثير فصائل مسلحة مدعومة من قوى إقليمية، مثل تركيا، ما يزيد من تعقيد الوضع. هذا النفوذ يعزز من قدرة هذه الفصائل على العمل شبه مستقل عن الدولة، ويمنحها هامش تحرك واسعا في مناطق عدة بشمال سوريا وشرق الفرات، حيث عينت “وزارة الدفاع” بالحكومة السورية الانتقالية، قائد فصيل “أحرار الشرقية” السابق الموالي لتركيا، العميد أحمد الهايس، الملقب بـ”أبو حاتم شقرا”، قائدا للفرقة 86 العاملة في محافظات دير الزور والرقة والحسكة في شمال شرقي سوريا. والهايس معاقب أميركياً منذ العام 2021، بسبب ارتكابه “انتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان”، ومن أبرز الاتهامات الموجهة إليه مسؤوليته عن اغتيال السياسية الكُردية الأمين العام لحزب “سوريا المستقبل”، هفرين خلف، فضلا عن تعيين الحكومة السورية قادة فصائل أخرى بـ”الجيش الوطني السوري” الموالي لتركيا في المنطقة الشمالية بسوريا.
وبالنظر إلى التوترات المستمرة مع قوات “قسد”، فقد أعلنت الأخيرة، أمس السبت، إصابة ثلاثة من عناصرها جراء اندلاع اشتباكات مع وحدات “وزارة الدفاع السورية” شرقي البلاد. إلى جانب ذلك، أغلقت الطرق الواصلة بين مناطق سيطرة “قسد” والحكومة الانتقالية في دمشق عدة مرات خلال الفترة الماضية. ووفق مصادر خاصة لـ”الحل نت”، فإن الفصائل المدعومة من تركيا والمتواجدة في المناطق الشرقية والفاصلة بين مناطق “قسد” ودمشق تمنع حركة المرور بين هذه المناطق، إذ ترغب هذه الفصائل في فرض سيطرتها، بينما تقف الحكومة في دمشق عاجزة أو لا تملك سلطة القرار.
وتدعيما لهذه الفرضية، قالت مؤسسة “جيمستاون” البحثية إن “فرقة السلطان سليمان شاه” المعروفة بـ”العمشات” و”فرقة الحمزة” أو “الحمزات”، تواصلان العمل خارج إطار “الجيش السوري الجديد” بعد سقوط نظام بشار الأسد، محتفظتين بروابط مالية ولوجستية مباشرة مع تركيا، في وقت يثار فيه جدل واسع حول دورهما وانتهاكاتهما.
وبحسب التقرير المنشور قبل فترة قليلة، فإن الفصيلين المدعومين من أنقرة يتلقيان تمويلا متزايدا ورواتب أعلى، في مؤشر على رغبة تركيا بالحفاظ على ولائهما كقوة بالوكالة، بدلا من دمجهما في “الجيش السوري الجديد”.
كما عقدت اجتماعات بين المخابرات التركية وقادة فصائل “الجيش الوطني” المدعوم منها، لتعزيز انفصالهم عن “وزارة الدفاع السورية”، بالتوازي مع إنشاء قواعد عسكرية تركية جديدة قرب حلب.
ويقول التقرير إن علاقة تركيا بالميليشياتين المذكورتين تمتد إلى ما هو أبعد من سوريا. فقد سبق نشر ميليشيات “العمشات” و”الحمزات” كمرتزقة في ليبيا وأذربيجان. ويبدو أن تنظيميهما مرتبطان بالمخابرات التركية، ويمكن استخدامهما في صراعات إقليمية مستقبلية.
ويضيف التقرير أن ترسيخ تركيا لنفوذها بين الجماعات المسلحة السورية مدفوع بتصاعد التوترات بين أنقرة والقوات الكُردية في البلاد. ومع استمرار تعثر الاتفاقات بين دمشق وقوات “قسد”، يبدو أن أنقرة عازمة على الاحتفاظ بأصولها العسكرية في شمال سوريا كورقة ضغط ضد القوى الكُردية في البلاد. فضلا عن أن استمرار استقلالية هذه الفصائل يضعف قدرة دمشق على فرض سيطرتها الأمنية، ويمنح أنقرة أوراق ضغط إضافية، سواء عبر استخدامها في الداخل السوري أو نشرها كقوات مرتزقة في الخارج.
وبالتالي من الضروري أن تقوم الحكومة بدمشق بضبط هذه الفصائل المدعومة من أنقرة والحد من النفوذ التركي بسوريا والذي يؤثر بشكل كبير على وحدة واستقرار البلاد.
تهديد إعادة الإعمار
وفي مسار ثان، فإن الاقتصاد السوري اليوم “مدمر بالكامل” وهذا ليس محل شك، وأن إعادة الإعمار تتطلب تدفقا ضخما للاستثمارات الأجنبية، لكن “دون ضمانات سياسية واضحة، فإن أي استثمار يبقى رهانا محفوفا بالمخاطر”.
كما أنه بدون دولة قوية وإطار مؤسسي واضح، لا يمكن لدولة مثل سوريا أن تطلب مبالغ ضخمة من الاستثمار الخارجي بطريقة آمنة وموثوقة، حيث إن المستثمرين الأجانب سيكونون حذرين جدا من ضخ أموالهم في بلد يتسم بالانقسام والفوضى السياسية. وحتى المساعدات الأوروبية، إن توافرت، قد لا تكون كافية لإطلاق دورة اقتصادية حقيقية ما لم ترتبط بتوافقات سورية سورية شاملة وضمانات للاستقرار.
التحدي الأكبر أمام سوريا اليوم ليس إنهاء الحروب والنزعات أو إعادة الإعمار، بل إعادة بناء الدولة من الداخل. دولة قادرة على استيعاب جميع مكوناتها، وبناء مؤسسات قوية، واستعادة ثقة مجتمعها المتشظي والمحتقن.
وبحسب تحليل لـ “Eurasia Review”، فإن شمول الأقليات في عملية الحكم رهان اقتصادي، إذ إن إشراكهم يمنح الدول المانحة والمانحين الدوليين طمأنينة بأن إعادة الإعمار لن تأتي بهم بالفوضى أو التمييز، بل ستكون قابلة للاستدامة.
هذا التشخيص يوضح أن ما يبدو على أنه استقرار شكلي قد يكون في الواقع هشا جدا، إذ إن غياب الـ “دولة” سيسمح للفصائل بإبقاء مواقع نفوذها، فضلا عن استمرار الانفلات الأمني، وبالتالي تعقيد جهود بناء دولة واحدة آمنة لجميع السوريين.
وفي ظل هذا الواقع، يقول تحليل منشور في “Le Monde” إن الرهان الأوروبي على إعادة الإعمار قد يكون “مغامرة سياسية”. وتضيف الصحيفة أن دعم الاتحاد الأوروبي ينبغي أن يشترط على الحكومة الانتقالية ضمانات حقيقية لحماية حقوق الأقليات وتأسيس مؤسسات ديمقراطية، لأن أي مسار إصلاحي غير مضمون قد يؤدي إلى استغلال المساعدات من قبل قوى داخلية متصارعة. فضلا عن أن واشنطن تشترط عدة شروط ومن بينها ضمان حقوق الأقليات ومشاركة الجميع بالحكم، لرفع كامل العقوبات عن سوريا.
التوترات المجتمعية والطائفية
وفي المسار الثالث، فإن ما حصل في الساحل السوري ومن ثم الجنوب من مجازر وانتهاكات بحق العلويين والدروز، يتطلب من دمشق إعادة بناء الوحدة الوطنية السورية، وذلك بأن تبادر بجسر الهوّات بين المكونات المتنوعة والمختلفة من سكان سوريا، وأن تقوم بحوار وطني شامل وحقيقي ومشاركة الجميع بإدارة البلاد (ولاسيما التوافق مع “قسد” والدروز)، بدلا من الاعتماد على الحلّ العسكري أو الحكم عبر الميليشيات.
وعليه، فإن التوافق مع القوى المحلية سيضمن من جهة رفع العقوبات عن سوريا، وتاليا بدء تدفق مساعدات إعادة الإعمار، وأخيرا استقرار البلاد. لكن ومع تعنت دمشق في السعي لإقصاء الآخرين من مشاركة الحكم والتفرد بالسلطة كما تفعل الآن، فإن ذلك سيعني تعميق الشرخ بين مكونات المجتمع السوري، بجانب تفجّر صراعات محلية، وبالتالي عودة سوريا إلى مربعه الأول من الصراع الدموي الذي بدأته قبل نحو 13 سنة.
في المحصلة، يمكن القول إن التحدي الأكبر أمام سوريا اليوم ليس إنهاء الحروب والنزعات أو إعادة الإعمار، بل إعادة بناء الدولة من الداخل. دولة قادرة على استيعاب جميع مكوناتها، وبناء مؤسسات قوية، واستعادة ثقة مجتمعها المتشظي والمحتقن.
وبالتالي، إذا ما فشلت الحكومة الانتقالية في تحقيق ذلك، فإن ما يبدو كفرصة للاستقرار قد يتحوّل إلى مأساة جديدة ستقع فيها سوريا وحكامها الجدد، مأساة تعتمد على دعم خارجي هشّ، وسورية مقسمة لعدة أجزاء، ومجتمع يعاني من الاحتقان الطائفي، وسلطة شكلية تتحكم ببعض المناطق تحت مسمى “الدولة السورية” كما كان عليه بشار الأسد في سنوات حكمه الأخيرة للبلاد.
تفاصيل إضافية عن عدة مسارات أمام السلطة بدمشق لتحقيق فرصة حقيقية لاستقرار سوريا
🔍 اقرأ المزيد على هنا:
مقيم أوروبا
📌 المصدر الأصلي:
مقيم أوروبا وعوغل ومواقع انترنت