تجمّع عشرات العمال صباح اليوم أمام بوابة مرفأ طرطوس، في وقفة احتجاجية على استمرار منعهم من العودة إلى أعمالهم، رغم صدور قرار رسمي يسمح بعودة الموظفين الحاصلين على إجازات مأجورة.

المحتجون أكّدوا أنهم يواجهون إيقافا تعسفيا ممنهجا، من قبل إدارة المرفأ وبعض الجهات الأمنية.

قرارات بلا تنفيذ

وبحسب مصادر ميدانية فإن العودة للعمل تتم من خلال عملية انتقاء بناء على الولاء والمحسوبيات، فيما يُمنع العشرات من العمال من ممارسة عملهم.

ذات المصادر قالت إن “العمال فوجئوا برفض الإدارة العامة استقبالهم، وألقت بالمسؤولية على وزارة التنمية البشرية”. ما اضطر الموظفون للتوجه إلى الاتحاد العمالي وتسجيل أسمائهم، بانتظار رفعها إلى دمشق أملا في معالجة الخلل.

وتكشف هذه الحادثة جانبا من التخبط الإداري وغياب الشفافية؛ فبينما تُصدر الرئاسة قرارات تلزم الموظفين بالعودة إلى أعمالهم، تبقى تلك القرارات حبيسة الورق، في وقت تُغلق فيه أبواب المؤسسات بوجه عشرات العاملين.

وبحسب مصادر ميدانية، فقد مُنح أكثر من 1500 عامل في المرفأ إجازات مأجورة “شفهية” خلال الأشهر الماضية، ليتم استبدالهم بموظفين جدد.

وعقب صدور القرار الأخير عن الأمانة العامة للرئاسة، راجع الموظفون إدارة المرفأ للعودة إلى أعمالهم، لكنهم فوجئوا برفض استقبالهم وإبلاغهم بأنهم باتوا “فائضا”، وأن أسماءهم أحيلت إلى وزارة التنمية الإدارية في دمشق.

ما دفع العمال للاعتصام أولا أمام المرفأ ثم أمام مبنى اتحاد العمال، بانتظار رفع قوائم أسمائهم إلى العاصمة لإيجاد حل.

يُذكر أن مرفأ طرطوس يُعد من المنشآت الحيوية التي يعمل فيها عدد كبير من أبناء المنطقة، ويعاني منذ سنوات من فساد إداري وتدخلات سلطوية حوّلته إلى بؤرة تهميش واستغلال للطبقة العاملة.

قرار انتهاء الإجازة المأجورة

في 27 آب/أغسطس الفائت، أصدرت الأمانة العامة للرئاسة السورية، قرارا موجها إلى جميع الجهات العامة أكدت بموجبه على عدد من القضايا المتعلقة بالعاملين في الدولة، أبرزها إبلاغ العاملين بانتهاء الإجازة المأجورة الممنوحة لهم والعودة للعمل أصولا اعتبارا من 1 أيلول/سبتمبر، وعدم تجديد العقود المؤقتة.

واستند القرار إلى ما وصفه بـ”التوجهات الحكومية الرامية إلى تحسين كفاءة الجهاز الإداري، وتعزيز الأداء المؤسسي، وترشيد استخدام الموارد البشرية المتاحة بما يحقق معالجة ظاهرة الترهل الإداري وضعف الإنتاجية لدى الجهات العامة عمومًا وعلى مستوى كل جهة عامة على حدة”.

القرار الذي جاء بتوقيع معاون الأمين العام لرئاسة الجمهورية السورية لشؤون مجلس الوزراء المهندس علي كده، طلب من الجهات العامة التقيد بعدم الإعلان عن إجراء مسابقات للتعيين أو التعاقد أو التوظيف بكافة أشكاله، إلا في حالات الضرورة القصوى.

وعدم رفع طلبات تمديد الخدمة لمن بلغ سن التقاعد إلا في ضوء الحاجة الماسة، كما نص على عدم تجديد العقود المؤقتة في حال انتهاء مدتها أيا كان نوعها إلا في ضوء الحاجة الماسة، وبموافقة الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية حصرا.

وعدم رفع طلبات الإعادة للعمل الحالات (صرف من الخدمة استقالة بحكم المستقيل) إلا إذا كان سبب إنهاء الخدمة يعود لدواع أمنية في عهد النظام البائد.

بالإضافة إلى عدة نقاط أخرى، إلا أنه لم يشر إلى فصل أو إيقاف العمال، خاصة أن قرار إيقافهم عن العمل جاء بعد قرار صدر عن شؤون مجلس الوزراء في الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية في سوريا، أيار الماضي، أقر بتمديد الإجازات التي منحت للعاملين ثلاثة أشهر إضافية.

وطلب القرار من جميع الوزارات والجهات العامة تمديد الإجازة الإدارية الممنوحة للعاملين بتمام الأجر الشهري المقطوع، وفق أجر الشهر الأول لعام 2025، وذلك لغاية 31 من آب 2025، لحين بحث وضعهم مستقبلا.

وكان وزير المالية السابق في حكومة دمشق المؤقتة، محمد أبازيد، قال لوكالة ”سانا” سابقا، إن 900 ألف فقط من أصل 1.3 مليون موظف حكومي يعملون بشكل فعلي، بينما يوجد 400 ألف موظف هم “موظفون أشباح”.