في خطوة وصفت بالإنسانية وغير المسبوقة، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبدالقادر الحصرية، عن قرار يقضي بإدخال ميزة الطباعة النافرة على العملة السورية الجديدة المزمع إصدارها.

يهدف هذا التعديل الجذري في تصميم الأوراق النقدية إلى تمكين المكفوفين وضعاف البصر من تمييز الفئات النقدية بسهولة ويسر، مما يمنحهم قدرًا أكبر من الاستقلالية والثقة في التعاملات المالية اليومية.

استجابة لمطالب ذوي الإعاقة البصرية

تأتي هذه المبادرة استجابةً لمطالب متزايدة من شريحة واسعة من المجتمع السوري، كان قد عبر عنها ذوو الإعاقة البصرية عبر وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات.

 وفي هذا السياق، أكد الحصرية أن المصرف تواصل مع الوزيرة، التي نقلت له هذا الطلب المشروع، مشددًا على أنه يمثل حاجة حقيقية لا يمكن تجاهلها.

وأضاف الحصرية، وفقًا لوكالة الأنباء السورية “سانا”، أن المطالبة بإدخال لغة برايل على العملة الجديدة تعبر عن حاجة حقيقية لا يمكن تجاهلها، لأنه لا يجوز إقصاء أحد أو إغفال احتياجاته، مؤكدًا بذلك التزام المصرف المركزي بمبدأ الدمج الاجتماعي وعدم التمييز.

تصميم يراعي الاستقلالية

في معرض حديثه عن تفاصيل التصميم الجديد، جدد حاكم المصرف المركزي التأكيد على أن التصميم قد أخذ بعين الاعتبار بالفعل تمكين الأشخاص المكفوفين من التمييز بين الفئات المختلفة بشكل مستقل، موضحًا أن هذه الميزة تشمل “الطباعة النافرة أو البارزة” التي تتيح للمستخدم التعرف على فئة الورقة النقدية من خلال اللمس، وهو ما يمثل نقلة نوعية في التعامل مع احتياجات ذوي الإعاقة.

وتكتسب هذه الخطوة أهمية خاصة في ظل التوجهات العالمية التي تشدد على أهمية تصميم المنتجات والخدمات بما يتناسب مع الجميع، بمن فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة.

ورغم أن العملة النقدية هي جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية، إلا أن تصميمها غالبًا ما يغفل احتياجات المكفوفين وضعاف البصر، ما يجعل التعاملات المالية تحديًا كبيرًا بالنسبة لهم، ومن شأن هذا القرار أن يخفف عن هذه الفئة عبئًا اجتماعيًا ونفسيًا وماليًا، ويمنحها شعورًا بالدمج والمساواة في حقوقها المدنية.

عملة جديدة بتصميم عصري ومجرد

في سياق متصل، كشف الحصرية في تصريحات سابقة عن أن العملة السورية الجديدة ستصدر بست فئات مختلفة، وقد تم تصميمها وفق مبدأ “التصميم النظيف والمجرد”، وهو اتجاه عالمي يهدف إلى جعل العملة أكثر وضوحًا وسهولة في التحقق منها، مع الابتعاد عن الرموز والصور التقليدية.

 هذا التوجه نحو التجريد، إلى جانب ميزة الطباعة النافرة، يؤكد أن المصرف المركزي يسعى إلى تطوير عملة عصرية تجمع بين الفاعلية الجمالية والوظيفية، وتراعي في الوقت نفسه التنوع والدمج في المجتمع السوري.

وبينما ينتظر المجتمع السوري إطلاق هذه العملة الجديدة، يظل هذا القرار بمثابة رسالة واضحة من السلطات المعنية بأنها بدأت تولي اهتمامًا أكبر لقضايا الدمج الاجتماعي، وتعمل على تلبية احتياجات الفئات المهمشة.

وقد تعطي هذه الخطوة الإيجابية زخمًا لمبادرات أخرى تهدف إلى تحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة في سوريا، سواء كان ذلك في مجال الخدمات أو التعليم أو البنية التحتية، وهو ما يساهم في بناء مجتمع أكثر عدلًا وشمولًا للجميع.