كشفت مصادر أميركية لموقع “أكسيوس” أن واشنطن قلقة من الضربات الإسرائيلية المتكررة داخل سوريا، والتي تقول إنها تهدد الاستقرار وتعرّض الاتفاق الأمني المحتمل بين دمشق وتل أبيب لخطر الانهيار.

ففي الوقت الذي تعمل فيه الإدارة الأميركية على تثبيت مسار تفاوضي غير مسبوق بين سوريا وإسرائيل، تصعّد الأخيرة من تحركاتها في سوريا مما قد يعيد المنطقة إلى نقطة توتر.

ضغط أميركي متزايد على نتنياهو

التفاصيل التي حصل عليها موقع “أكسيوس”، تفيد بأن الإدارة الأميركية مقتنعة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتصرف باندفاع في الملف السوري.

أحد المسؤولين الأميركيين قال إن واشنطن تحاول إيصال رسالة مباشرة لنتنياهو “بأن استمرار الهجمات سيقوّض كل شيء، ويهدد الاتفاق الأمني الذي تعمل إدارة ترامب على بنائه مع دمشق”.

الولايات المتحدة تعتبر دعم جهود الرئيس الانتقالي أحمد الشرع للانخراط في عملية سلام مع إسرائيل جزءا محوريا من استراتيجيتها في الشرق الأوسط. حتى إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نشر على منصة “تروث سوشال” رسالة واضحة: ضرورة الحفاظ على قناة حوار مستقرة مع سوريا، وعدم القيام بما يعرقل “تحوّل سوريا إلى دولة مزدهرة”.

لكن التطورات الأخيرة كانت عكس هذا المسار، حيث شنّت قوة إسرائيلية هجمة عسكرية على قرية بيت جن بريف دمشق يوم الجمعة الماضي، إلا أنها لاقت مقاومة محلية، ما أدى إلى إصابة ستة جنود. وعند انسحابها، نفّذت إسرائيل غارات مكثّفة أدت إلى مقتل وجرح 35 سوريا، بينهم مدنيون.

ارتباك عسكري وتوتر في المفاوضات

المسؤولون الأميركيون قالوا إن البيت الأبيض لم يحصل على أي إشعار مسبق بالعملية، وإن إسرائيل لم تستخدم آلية التحذير المعتادة مع سوريا، على عكس ما جرى في عمليات سابقة، بحسب “أكسيوس“.

في المقابل، تدّعي إسرائيل أنها أخطرت السوريين عبر قنوات استخباراتية وأن المشتبه بهم الذين اعتقلتهم القوة الإسرائيلية مرتبطون بحماس وحزب الله، في حين يصف أحد المسؤولين الأميركيين نهج نتنياهو بأنه “يطلق النار أولا ثم يطرح الأسئلة لاحقا”.

وأضاف مسؤول آخر أن “سوريا لا تبحث عن صدام مع إسرائيل، لكن بيبي يرى الأشباح في كل مكان”، في إشارة إلى حالة الشك التي تسيطر على قراراته العسكرية.

هذا التوتر ليس جديدا، فقد سبق لمسؤول في البيت الأبيض أن قال بعد ضربات إسرائيلية على دمشق في حزيران/يونيو الماضي إن نتنياهو “تصرف كمجنون، يقصف كل شيء، ما يهدد بتعطيل ما يحاول ترامب تحقيقه”.

الاتفاق على المحكّ

تعتبر واشنطن أن تصرفات نتنياهو أضعفت جهودها لدفع اتفاق أمني أولي بين إسرائيل وسوريا، وهو اتفاق تأمل الإدارة الأميركية أن يمهد لاحقا لانضمام دمشق إلى اتفاقات أبراهام.

وخلال الأيام الماضية، عقد المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك سلسلة اجتماعات متوترة مع مسؤولين إسرائيليين حول العملية الأخيرة، بالتوازي مع محاولات تهدئة سورية لتجنب مزيد من التصعيد.

كما التقى باراك الرئيس الشرع في دمشق يوم الاثنين، لكنّ الملف ازداد تعقيدا بعد استقالة رون ديرمر، أحد أقرب المقربين لنتنياهو والمسؤول عن ملف سوريا داخل الحكومة الإسرائيلية، ما خلق فراغاً في آلية اتخاذ القرار.

وقال المسؤولون الأميركيون إنه “ليس واضحا من يدير ملف سوريا داخل الحكومة الإسرائيلية بعد استقالة رون ديرمر، المقرب من نتنياهو”.

التحرك الأميركي العلني ظهر أيضا في منشور جديد لترامب يحيّي فيه الرئيس الشرع ويحثّ إسرائيل على تجنب التصعيد، وبعد المنشور، تواصل ترامب مع نتنياهو، إلا أن الرواية الإسرائيلية اكتفت بالقول إن ترامب دعاه إلى واشنطن، من دون الإشارة لأي حديث عن سوريا.