على وقع الانهيار الاقتصادي والأمني الذي يخيم على اليمن منذ اندلاع الحرب، تبدو المرأة اليمنية في مقدمة الفئات الأكثر تضرراً من سياسات جماعة “الحوثي”.  

وتحولت الانتهاكات “الحوثية” ضد النساء، إلى أسلوب ممنهج ذي أبعاد سياسية واجتماعية وعقائدية، تهدف إلى إخضاع المرأة وإقصائها من الحياة العامة، ومنعها من ممارسة دورها الطبيعي داخل المجتمع.  

انتهاكات موثقة تتجاوز الأرقام  

تقرير حديث صادر عن مؤسسة تمكين المرأة اليمنية، رصد أكثر من 40 ألف انتهاك ارتكبتها جماعة “الحوثي” ضد النساء، خلال الفترة من 2015 وحتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2025.

وتكشف هذه الأرقام، عن حجم المخاطر التي تواجهها المرأة اليمنية، في ظل “منظومة القمع” التي تعمل على إسكات النساء، ومعاقبتهن بمجرد خروجهن عن الإطار المفروض.  

ووفق التقرير، سجلت 1901 حالة اعتقال وخطف لنساء وفتيات، بينها حالات إخفاء قسري تعرضت خلالها الضحايا للتعذيب وسوء المعاملة.   

كما وثق التقرير، 2940 حالة اعتقال إضافية، انتهت بصدور 39 حكماً بالإعدام والسجن والمصادرة والغرامات المالية.  

ولا تستهدف هذه الانتهاكات الناشطات والعاملات في المجال المدني فحسب، بل تمتد إلى ربات المنازل والطالبات وحتى القاصرات، في محاولة لفرض الضغط على المجتمع، عبر إذلال النساء وتطويعهن.  

عنف دموي مروع  

ولا تتوقف الانتهاكات “الحوثية” عند حدود الاعتقال، إذ سجل التقرير 2720 حالة قتل نتيجة القصف العشوائي بالصواريخ والقذائف والأسلحة الثقيلة، إلى جانب 375 إصابة مباشرة جراء القنص، و605 إصابات بسبب الألغام والعبوات الناسفة.

كما رصد 169 حالة قتل لأقارب نساء حتى الدرجة الرابعة، نتيجة العنف الأسري المرتبط بالتعبئة العقائدية، إضافة إلى 42 حالة اغتصاب موثقة داخل أماكن الاحتجاز، أو أثناء المداهمات والنزوح.  

وترافقت هذه الانتهاكات، مع موجة نزوح واسعة، إذ يقدّر عدد النازحين بنحو 4 ملايين نصفهم من النساء، فيما تعاني 9.6 مليون امرأة وفتاة من الجوع، وانعدام الخدمات الصحية والإنسانية.

أما على مستوى الحقوق المهنية، فقد وثق التقرير 16,451 حالة فصل تعسفي و14,800 حالة إحلال وظيفي استٌبعدت فيها العاملات لصالح عناصر موالية للجماعة “الحوثية”، في خطوة تستهدف إقصاء المرأة من المجال العام.  

تحذيرات في ظل صمت دولي  

المركز الأميركي للعدالة “ACJ” حذر من “إبادة صامتة”، تستهدف النساء في اليمن، مؤكداً أن الانتهاكات “الحوثية” ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، وأن غياب الرقابة الدولية يمنح الجناة فرصة لتعزيز القمع دون محاسبة.

ورغم تنامي الخطاب العالمي حول حقوق المرأة، تجد النساء اليمنيات أنفسهن خارج دائرة الاهتمام الدولي، يخضن معركة يومية من أجل الأمن والكرامة ولقمة العيش.