حذر”مصرف سوريا المركزي” في بيان له، اليوم الثلاثاء، المواطنين على تجنب التعامل مع مؤسسات الصرافة غير المرخصة، مؤكدًا في بيانه الذي حمل لهجة تحذيرية واضحة،أن الرقابة على قطاع الصرافة والحوالات تقع في صميم اختصاصه القانوني، وأن أي نشاط خارج هذا الإطار يشكل تهديدًا مباشرًا لحقوق المتعاملين وسلامة النظام المالي.

وأوضح المركزي أن انتشار مهنة الصرافة بدون ترخيص، لا سيما في ما يتعلق بالحوالات الخارجية، يفتح الباب أمام مخاطر متعددة تبدأ من إمكانية تسلّم عملات مزورة أو ناقصة، ولا تنتهي عند فقدان الضمانات القانونية في حال حدوث نزاعات أو عمليات احتيال.

إجراءات صارمة

المركزي شدد أيضًا على أن حماية المواطنين وتمكينهم من استلام حوالاتهم المالية بأمان يتطلبان التزامًا صارمًا بالقوانين، وتعزيزًا مستمرًا للرقابة، مؤكدًا أن أي تجاوز أو نشاط خارج الأطر النظامية سيواجه بإجراءات حازمة تصل إلى الإغلاق الفوري ومنع مزاولة أي نشاط مخالف.

 وأشار إلى أن المؤسسات المسموح لها بمزاولة أعمال الصرافة والحوالات الخارجية هي فقط تلك المسجلة في سجل شركات ومكاتب الصرافة لدى المصرف، إضافة إلى الشركات الحاصلة على ترخيص مبدئي بموجب القرار رقم (199/ل.إ) الصادر في 11 آذار/ مارس 2025.

كما أكد المصرف أنه لا يتهاون في تطبيق القوانين والأنظمة المعمول بها لضمان استقرار القطاع المالي وحماية مصالح المتعاملين، مؤكدًا أن مكافحة النشاطات غير المرخصة ليست فقط مسألة قانونية، بل هي أيضًا ضرورة اقتصادية وأمنية تهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني من تدفقات مالية غير منضبطة قد تستغل في عمليات غسل الأموال أو تمويل أنشطة غير مشروعة.

نفي الشائعات حول تأسيس مصارف جديدة

في سياق موازٍ، نفى “مصرف سوريا المركزي” صحة الأخبار التي راجت في الآونة الأخيرة حول منح تراخيص لتأسيس مصارف جديدة، موضحًا أن ما يتم تداوله من معلومات حول دخول مصارف خاصة إلى السوق المحلية يفتقر إلى الدقة.

وأوضح أن هناك بالفعل اهتمامًا من بعض المصارف العربية والأجنبية بدراسة إمكانية الاستثمار في القطاع المصرفي السوري، مستفيدة من الفرص المرتبطة بمرحلة إعادة الإعمار والمشاريع الاستثمارية المقبلة، إلا أن أي خطوات عملية في هذا الاتجاه تخضع لإجراءات تنظيمية صارمة تبدأ بتقديم الطلبات الرسمية ودراسة جدواها الاقتصادية، مروراً بالموافقة المبدئية، وانتهاءً بالإعلان عن قرار الترخيص وتسجيله في سجل المصارف.

المركزي شدد على أن استقبال الطلبات ودراستها يتم وفقًا لأحكام القانون رقم 28 لعام 2001 وتعديلاته، وبما يتماشى مع المعايير المصرفية العالمية واحتياجات الاقتصاد الوطني، بحيث يضمن دخول مؤسسات مصرفية قادرة على الإسهام الفعلي في تمويل مشروعات إعادة الإعمار ودعم النشاط الاقتصادي، وليس مجرد البحث عن مكاسب سريعة أو فرص مضاربية.

البيان تضمن أيضًا تحذيرًا واضحًا من الانسياق وراء أي إعلانات مضللة أو غير صحيحة عن تأسيس مصارف جديدة، مذكرًا بأن أي ترخيص جديد يتم إشهاره رسميًا من قبل المصرف المركزي وبالطرق القانونية المعلنة، وأن الجهات المخالفة ستتعرض للمساءلة والملاحقة القضائية.

 الأبعاد الاقتصادية والإستراتيجية للإجراءات

أكد المصرف المركزي أن الحفاظ على الشفافية في القطاع المصرفي، ومنع تداول الشائعات، يعدان من الركائز الأساسية لاستعادة الثقة المحلية والدولية بالنظام المالي السوري، خصوصاً في مرحلة اقتصادية حرجة تتطلب جذب رؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية ضمن بيئة منظمة وآمنة.

ويأتي هذا التشديد في وقت يعيش فيه الاقتصاد السوري ظروفًا استثنائية، حيث يمثل قطاع الصرافة والحوالات شريانًا حيويًا لتدفق العملات الأجنبية التي يعتمد عليها ملايين السوريين، سواء عبر تحويلات المغتربين أو التمويل الخارجي للمشروعات.

ومع ذلك، فإن هذا القطاع ظل عرضة لعمليات غير مشروعة، أدت في كثير من الأحيان إلى خسائر كبيرة للمواطنين، وإلى اضطراب في سوق الصرف، ومن هنا، فإن المصرف المركزي يسعى، من خلال هذه الإجراءات، إلى إعادة ضبط الإطار القانوني والتنظيمي لهذا النشاط، بما يضمن استقراره وشفافيته، ويعزز من قدرته على خدمة الاقتصاد الوطني في هذه المرحلة الحساسة.